فقه الفيسبوك

أضف تعليق9:38 ص, بواسطة المحروسة



تلقيت مكالمة تليفونية أفزعتني... صديقتي تبكي وتضحك بهستيريا وتقول بين شحتفاتها وضحكاتها "باركيلي جوزي أخيرا وافق إني أعمل في مجال الصحافة." قلتلها "طيب خير ما ده حلمك طول عمرك لماذا الشحتفه إذا؟"  قالتلي "لا ما هو شارط عليه أن أتعامل مع دار النشر بصفتي ميته"وهنا بدأ الحوار يبدو مشوقا فسألتها ماذا يعني هذا الكلام بالضبط... وهنا بدأت صديقتي في سرد مشكلة لم أكن أتخيل احتمال وجودها في هذا القرن ناهيك عن وجودها في أوساط المثقفين فصديقتي مثقفة وزوجها كذلك وهم من مستوى اجتماعي معين لا نسمع فيه عادة مثل هذه المشكلات.

كفانا تشويقا وتعالوا نسمع منها..بدأ الأمر منذ الحرب على غزة في 2008 حيث بدأت صديقتي في استعادة حسها الثوري بعد سنين من البعد عن الأحداث... نكأت غزة جرحها العربي فأخذت في الكتابة وأنشأت مدونة تضامنا مع أهل غزة وبدأت تنشر مقالاتها المناهضة لنظام مبارك على الفيسبوك وفي هذه المدونة.. بدأ زوجها يعترض على حدة النقد في هذه المقالات وبدأت تفاجأ بأنه يدخل وراءها ليمسح ما يراه قد يكون خطرا عليها... وعلل ذلك بأنه وليها وأنه يخشى عليها من الاعتقال.. ضايقها ذلك كثيرا ولكنها تفهمت موقفه

وظل الأمر كذلك مرورا بمقتل خالد سعيد وتجلي مخطط التوريث وصولا إلى انتخابات مجلس الشعب المزورة... هي تكتب وهو يراقب ويحذف ما يشاء..... حتى قامت الثورة... وتبدل الحال من حال إلى حال وأصبحت المقالات الثورية شيئا عاديا لا يستدعي الخوف وانطلقت الحريات في  كل وسائل الإعلام فجددت رغبتها في الانطلاق في العمل الصحفي إيمانا منها بأن لديها ما تستطيع تقديمه في هذه المرحلة وهنا اصطدمت بموافقة زوجها المشروطة... اكتبي ما شئت وانشري ما شئت بغير أي تواصل مع الرجال... ممنوع الاجتماعات .. ممنوع أي تفاعل مع القراء سواء عن طريق الإيميل أو الفيسبوك... فقالت له وكيف يمكن أن أفعل ذلك في ظل نظام الإعلام التفاعلي القائم... فمن الوارد جدا أن أطلب في ندوة أو مؤتمر أو اجتماع مع الناشر.. فقال لها إن دور النشر تنشر كتبا لأموات طوال الوقت بغير حاجة لأي تفاعل... زوجتي لن تكون كاتبة تفاعلية تحت أي ظرف

وهنا بدأت حالة الهيستيريا التي حادثتني من خلالها...  أخذت تضحك وتقول له "أموات" تريدني أن أخبر الناشر أن يتعامل معي باعتباري كاتبة متوفاة!!!  هل أذيل مقالاتي بلقب المرحومة فلانة الفلانية كي لا يحاول أحد القراء مراسلتي؟ وهنا أخذتها نوبة الضحك وقالت له وماذا لو عملت كمراسلة هل أقف في ميدان التحرير وأقول معكم من ميدان التحرير المرحومة فلانة ... أنا كاتبة في بداية الطريق ولست حاملة لنوبل.. ما الذي يجبر أي ناشر على تحمل مثل هذه الشروط... إنك تضع شروطا تعجيزية كي تمنعني من الكتابة.. وهنا أنهى زوجها النقاش بجملته الشهيرة. "هو ده نظامي

عجبت كثيرا من هذا الحوار وسألتها كيف صمتت وهي المجادلة قوية الحجة التي نادرا ما يغلبها أحد... فقالت لي أنها استهلكت معه كل أنواع الإقناع, فهو في بادىء الأمر قال لها إن الاختلاط حرام فطالبته بالدليل الشرعي على ذلك لأن الأصل في الأمور الحل والبينة على من ادعى... وعندما لم يأت بأي دليل بحثت هي عن دليل على حرمة الاختلاط على علته فلم تجد للمحرمين دليلا شرعيا إلا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء " وحديث "خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَ" وهما حديثان لا يبدو فيهما أي دليل حقيقي على حرمة الاختلاط على علته وإلا كان كسب المال وإنجاب الأبناء حراما لقول الحق سبحانه "وَاعْلَمُواْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ ".

وأما الحديث الخاص بصفوف الصلاة فإنه في نظري لا يحرم الاختلاط ولكنه يكره التقارب بين الجنسين في حال الصلاة خشية ذهاب الخشوع لاحتمال انشغال الصف الأول من النساء بأفكار مثل هذا قدمه غريب الشكل أو هذا جلبابه مرفوع فهل صلاتي صحيحة وكذا أو انشغال الصف الأخير في الرجال بهل يا ترى جلبابي يسترني وهل قدمي نظيفة أم أن النساء يرون أني نسيت أدعكها بالحجر... هذا كله وارد ووارد أيضا أن تنشغل بعض أخواتنا من ضعاف النفوس بملاحظة هيئات الرجال كما في صالات الجيم مثلا وعند المسابح.. ومهما يكن السبب فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يطلب تخصيص مكانا خاصا للنساء ولم يحرم تواجدهن وإن أراد لفعل

أما عن منعها من التعليق على أي مقال أو أي شيء سياسي على الفيسبوك مثلا فقد ناقشته فيه مليا وقالت له ألا يكفيك أنك تتابع كل ما أكتب فقال لها لا لا يكفيني...أنا لا أريدك أن تناقشي أي أحد في أي موضوع سياسي أو غير سياسي.. وعندما قالت له كيف تحرم ما أحل الله؟؟ فحتى زوجات الرسول كن يحادثن الرجال من وراء حجاب... وأي حجاب أسمك من حجاب المكان والزمان الذي يفرضه فضاء الشبكة العنكبوتيه... فما كان منه إلا أن استخدم حق الفيتو "أنا زوجك ولك علي الطاعة"

وهنا فتح الله عليها أو هكذا ظنت فقالت له "من قال أن لك علي الطاعة المطلقة؟" فقال لها أنه طالما لم يأمرها بمعصية فله الطاعة لأنه ولي أمرها... فقالت له "ولكن رئيس الجمهورية المنتتخب الجديد سيكون أيضا وليا عليك فهل تقبل أن يرسل في طلبك ويقول لك اغسل لي الهدمتين دول وابقى ابعت زوجتك كل اتنين وخميس تساعد مراتي في أعمال المنزل عندما أكون أنا غير متواجد بالمنزل ولا تقلق لا يوجد أي رجال في بيتي" فقال لها ما هذا المثال فقالت له إنه ولي أمرك يطلب منك طلبا ليس فيه معصية لله... أرأيت أنك حرفت الكلم عن مواضعه... إن الله عندما أمر لك بالطاعة إنما كان ذلك في حقوقك الشرعية.. فإن أنا منعتك حق من حقوقك الشرعية كان لك أن تأمرني بأدائه وكان علي الطاعة..أما أن تظن أن لك حقا مطلقا في الطاعة تستخدمه حينا لمنعي من شرب النسكافيه خوفا على شراييني ولمنعي من شرب المشروبات الغازية حينا آخر وأخيرا لمنعي من تحقيق طموحي في تنوير الشعب من خلال كتاباتي الهادفة فهذا سوء استغلال لسلطاتك وسوء فهم لحقوقك الزوجية وأستدل على صحة منطقي بحديث الرسول في خطبة الوداع :"فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون" فقط !! هذا حق الرجل على زوجته الثابت بنص السنة النبوية... هذا آخر ما أخبرنا به النبي, أي أن هذا هو القول الفصل في الحقوق الزوجيه لأن كل ما قبله قد يكون مما قاله الرسول في بدء الإسلام قبل نزول وحي ما, أما هذا فهو آخر ما أخبرنا به رسولنا الكريم وقد أتم علينا ديننا... الله أكبر

وبعد هذا الطرح ذهبت صديقتي لتبحث في هذا الشأن فوجدت ما أورده ابن كثير :
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تعريف القوامة: "تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله ."
الله أكبر مرة أخرى... هذه هي حدود الطاعة التي طالما أخفوها عنا

كما أن الخنساء كان الرسول يستنشدها الشعر في مسجده أمام الصحابة فتنشده ويستحسن شعرها بل ويقول لها "هيه يا خناس" ثم تقول لي أن الاختلاط حرام... الخنساء الصحابية كانت تنشد الشعر في سوق عكاظ وظلت تنشده علنا حتى عهد عمر وكل ذلك ثابت في كتب التاريخ.. وأنت تنكر علي حقي في العمل ككاتبة؟؟
وانتهى النقاش بإصرار كل منهما على موقفه

وهنا صمتت صديقتي متنهدة وقالت لي... يبدو أننا نحن النسوة نحتاج إلى ثورتنا الخاصة.. نحتاج إلى ثورة على المجتمع الذكوري الذي لا يفتأ يستخدم الدين ذريعة لفرض عاداته القبلية الموروثة

هل نحتاج إلى فقه للفيسبوك والتويتر أم أننا نحتاج إلى تحديث فقه المرأة بشكل عام

نحتاج إلى مناظرات واسعة حول حقوق المرأة وحقوق الزوج والزوجة في الإسلام
الإسلام الذي سمح لأسماء بنت أبي بكر بالمشاركة في الهجرة بعمل فدائي لتستحق لقب أول فدائية في الإسلام
الإسلام الذي سمح لعمر بن الخطاب أن يولي الشفاء بنت عبد الله السوق.. الإسلام الذي سمح للنساء بالخروج في الغزوات لتطبيب الجرحى وسمح لهم بحمل السلاح إن تطلب الأمر


نحن لا نطالب بالليبرالية الغربية ولكننا نطلب حقوقنا الشرعية الإسلامية

وإلا فستجدوننا نملأ ميادين مصر مطالبات بحقوق منحنا إياها ديننا ومنعتمونا إياها

التالي منقول عن موقع الشيخ القرضاوي
وكانت المرأة تعمل محتسبة على السوق، -كالشفاء بنت عبد الله العدوية في عهد عمر- لإيقاف الناس رجالا ونساء عند حدود الشرع في البيع والشراء والتعامل. ووظيفة المحتسب تجمع بين التنبيه والرقابة والتأديب، ولها سلطة التنفيذ.
وقد أجاز أبو حنيفة أن تعمل المرأة قاضية في غير الجنايات، وأجاز الطبري والظاهرية: أن تكون قاضية في كل شيء، وأن تتولى الوظائف ما عدا الإمامة العظمى، أي رئاسة الدولة. بل ربما قيل: إن الإمامة العظمى ليست مجرد رئاسة دولة إقليمية، فهذه أشبه بوالي الولاية. أما الإمامة العظمى -أو الخلافة- فهي رئاسة عامة على الأمة الإسلامية كلها

تعديل الرسالة…

هل تريد التعليق على التدوينة ؟